السودانيون بين مطرقة «كورونا» وسندان الأزمة الاقتصادية
رفعت الإجراءات التي اتخذتها السلطات السودانية لمكافحة «جائحة كورونا» من معاناة المواطنين، وضيقت عليهم أحوالهم المعيشية المضطربة أصلاً، وأدت لمضاعفة أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية بشكل جنوني، بل وندرتها، مما ألقى بأعباء إضافية على المواطنين، لا سيما ذوي الدخل المحدود الأكثر تأثراً بالضائقة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وألقت الإجراءات عبئاً إضافياً على الحكومة الانتقالية، ووضعتها أمام خيارات صعبة؛ فإما إصدار قرار بإغلاق كامل للبلاد، ومواجهة العجز في توفير الاحتياجات الأساسية الاستهلاكية لشريحة واسعة من العمال وأصحاب رزق اليوم باليوم والتي تعدّ من أكبر الشرائح الاجتماعية في البلاد، وإما مواجهة انتشار «كورونا» المستجدّ في البلاد.
ويعدّ دقيق الخبز، والغاز، والزيت، والبصل، سلعاً لا تستطيع الأسر السودانية التخلي عنها في الأحوال العادية، ناهيك بظروف الأزمة والجائحة، مما جعل الطلب عليها يزداد بشكل جنوني، وأدى لارتفاع أسعارها لتبلغ مبالغ خرافية، وترتفع بنسب تتراوح بين 300 و400 في المائة عن أسعارها قبل الأزمة.
وتقول زينب أحمد، وهي ربة منزل: «لم يعد بمقدوري التسوق اليومي لشراء احتياجاتي من اللحوم والخضراوات والخبز كما كان في السابق، ولكن علينا أن نتأقلم مع الظروف الجديدة، التزاماً بتوجيهات السلطات الصحية بعدم التجمعات». وتضيف أن النظام الغذائي لأسرتها تغير كثيراً. وتتابع: «تنازلنا عن كثير من السلع التي كنا نشتريها يومياً بسبب الغلاء والندرة، واتجهنا إلى بدائل أخرى، وشراء ما يكفينا لفترة طويلة في ظل ظروف حظر التجوال الذي تفرضه السلطات».
وتقول فاطمة علي فضل، وهي موظفة بإحدى مؤسسات الخدمة المدنية: «قبل ظهور وباء (كورونا) كنا نعاني من أجل توفير احتياجاتنا من المواد الغذائية لارتفاع أسعارها، ويزداد الوضع سوءاً يوماً بعد يوم». وتستطرد: «الأسعار في تغيّر يومي، وما كنا نستطيع شراءه أمس، لا يمكننا شراؤه اليوم، وهذا دفع بنا إلى الاقتصاد في احتياجاتنا تحسباً من هذه الظروف الصعبة».
وترى الحكومة، بحسب المتحدث باسمها فيصل محمد صالح، أن تطبيق حظر التجوال الشامل في البلاد، يحتاج إلى ترتيبات تتعلق بالظروف المعيشية للفئات التي تعتمد في معاشها على الدخل اليومي.
ويشير إلى أن وزارة المالية والاقتصاد الوطني تقدمت بتقرير حول مجهوداتها في توفير السلع الأساسية في الأحياء السكنية لمساعدة المواطنين للبقاء بمنازلهم خوفاً من تفشي المرض.
وتواجه السلطات انتقادات لعدم وضع آليات لضبط الأسعار في الأسواق وانفلاتها مع حالة الهلع التي تجتاح البلاد، لكنها بين خيارين «أحلاهما مُرّ»: أن تغلق البلاد وتترك كثيرين في مواجهة الجوع، أو أن تنحني لعاصفة الأزمة الاقتصادية لتواجه عاصفة الوباء.
المصدر: الشرق الأوسط