تونس: قيس سعيّد مقتنع بأنه في “مهمة إلهية” لإنقاذ بلاده من “المؤامرات” الخارجية

يسعى الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقررة الأحد. وولد سعيّد في 22 شباط/فبراير 1958 بمنطقة بني خيار (وسط شرق) في عائلة من الطبقة المتوسطة ومحافظة. متزوج من القاضية إشراف شبيل وأب لبنتين وصبي.

وقد درّس سعيّد القانون الدستوري إلى غاية تقاعده في 2018، وهو عاشق للموسيقى العربية الكلاسيكية والخط العربي، ويكتب رسائله المهمة بالحبر والقلم.

كما أنه مدافع عن القومية العربية، ويدعم القضية الفلسطينية وتطورت علاقات بلاده منذ وصوله إلى الحكم، مع الصين وإيران وروسيا.

من “الشعب يريد” إلى “الانحراف الاستبدادي”

هذا، وانتُخب سعيّد (66 عاما) ديمقراطيا في العام 2019 بعد أن رفع شعار “الشعب يريد”، وعبّر طيف واسع من التونسيين عن ابتهاجهم عندما منح نفسه صلاحيات كاملة في 25 تموز/يوليو 2021 لمحاربة الفساد.

ولكن وبعد مرور ثلاث سنوات، باتت منظمة العفو الدولية تندد “بتراجع مقلق في الحقوق الأساسية في مهد الربيع العربي” و”بالانحراف الاستبدادي”، مع تراجع على مستوى إنجازات الثورة التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011.

كما يشجب أيضا معارضون وناشطون تونسيون بحملة القضاء التونسي ضد شخصيات سياسية من الصف الأول ورجال أعمال وإعلام حاولوا تشكيل جبهة معارضة، فتمّ اعتقالهم، وبسجن نقابيين ونشطاء في منظمات المجتمع المدني وصحافيين معروفين.

وإلى ذلك، لا يزال أغلب هؤلاء في السجون ويحاكمون بتهمة “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”، بعد أن وصفهم الرئيس “بالخونة وأعداء الوطن والإرهابيين”.

“أعداء تونس”

وقرر سعيّد ذو القامة الطويلة النحيفة والشعر الخفيف بعدم القيام بحملة انتخابية، ويعوّل على زيارات سابقة قام بها بصفته رئيسا إلى الأحياء أو المناطق المحرومة حيث ندد مرارا بصوت عال يغلب عليه الغضب والتشنج بـ “المؤامرات” التي يحيكها “أعداء تونس” في الداخل والخارج.

ومن جانبه، يصف صلاح العسالي (45 عاما)، الميكانيكي في منطقة أريانة حيث كان يقطن سعيّد، لوكالة الأنباء الفرنسية، قائلا إن سعيّد “شخص جاد يعمل كثيرا، لكن الأيادي الخفية تعوقه باستمرار”.

أما عماد المحيمدي (45 عاما)، وهو نادل في مقهى يتردد إليه سعيّد منذ أكثر من عشرين عاما وحتى بعد أن أصبح رئيسا، فيقول: “يواجه العديد من المشاكل والمافيا والفساد، خلال حكمه وأعاد البلاد إلى المسار الصحيح وسينطلق القطار مرة أخرى”.

“تحقيق إرادة الشعب”

ويشار إلى أنه على مدى السنوات الخمس الماضية، نادرا ما عقد سعيّد مؤتمرات صحافية أو مقابلات على الرغم من أن التونسيين عرفوه من خلال مشاركاته السابقة في البرامج التلفزيونية والإذاعية طوال فترة الانتقال الديمقراطي التي مرت بها البلاد بعد ثورة 2011. بل واقتصر تواصله الإعلامي على البيانات الصحافية ومقاطع الفيديو على صفحة الرئاسة على “فيس بوك”. وأمام المسؤولين الحكوميين، غالبا ما يحتكر الكلام.

ولا يتردد في أخذ القرارات. ففي غضون ثلاث سنوات، غيّر ثلاثة رؤساء حكومات وأقال عشرات الوزراء.

وفي السياق، يقول الناطق الرسمي باسم منظمة “المنتدى التونسي للحقوق والحريات” رمضان بن عمر، إن الرئيس “لا يؤمن بدور الوسطاء بين الشعب وبينه وهو يعتبر أن لديه مهمة إلهية ثورية” تتمثل في “تحقيق إرادة الشعب”.

وفي كل مناسبة تتاح له عند لقاء الناس في الشارع، يعِد سعيّد بـ”حرب تحرير وطني وتقرير المصير” الجديد لتونس، لكن أفكاره ومشاريعه تظل غامضة وغير واضحة المعالم.

“لغة لا يفهمها إلا هو”

ويتحدث سعيّد “إلى الناس بلغة لا يفهمها إلا هو”، وفق ما يقول الكاتب يوسف الصديق، عالم الأنثروبولوجيا الذي عندما التقى به بانتظام قبل انتخابات 2019، أذهله بلطفه وبقدرته على الإصغاء، وهو “ما يتناقض اليوم مع الصلابة” التي يظهرها.

ويتمسك سعيّد في خطاباته بمبدأ السيادة ولا يتردد في انتقاد المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي الذي رفض “إملاءاته” كما قرضا بقيمة ملياري دولار، أو المجتمع المدني التونسي الذي يتهمه بـ”تلقي مبالغ هائلة من الخارج”.

كما يرى أن معالجة الأزمة الاقتصادية تمر ببعث “الشركات الأهلية” واستئناف نشاط إنتاج مادة الفوسفات و”التعويل على الذات”.

ولكن، يشير خبراء اقتصاديون إلى علل كبيرة تعرقل الاقتصاد التونسي بتباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة (16%) والديون الثقيلة (80% من الناتج المحلي الإجمالي).

أما على الصعيد الدولي، فهو قريب من الجزائر التي تدعم تونس بالمساعدات المالية وبقروض وشحنات من الوقود بأسعار منخفضة.

المصدر: فرانس 24