إسرائيل تواصل هجومها في غزة والأمم المتحدة تعتبر أوامر الإخلاء الأخيرة “مروعة”

لا تزال القوات الإسرائيلية الثلاثاء تشن هجومها واسع النطاق في مدينة غزة عشية مفاوضات جديدة مرتقبة بالدوحة لإبرام هدنة، ودانت الأمم المتحدة تهجير عشرات آلاف الفلسطينيين مجددا واعتبرت أن أوامر الإخلاء الأخيرة “مروعة”.

والإثنين، نزح آلاف الفلسطينيين من مدينة غزة بعد أن اقتحمها الجيش الإسرائيلي وأمرهم بإخلاء أحياء إضافية، مع احتدام القتال واستمرار القصف والغارات العنيفة.

وتواصلت المعارك في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر. فشمالا، ذكر شهود عيان والدفاع المدني والمكتب الإعلامي لحكومة حماس بأن الدبابات الإسرائيلية اقتحمت العديد من الأحياء في مدينة غزة خلف وابل من القصف والضربات من الطائرات الحربية والمسيّرات، ما دفع الآلاف إلى الفرار مجددا.

ووقعت “انفجارات ومعارك عديدة بالأسلحة النارية” وغارات لطائرات مروحية خلال الليل على جنوب غرب مدينة غزة وفق ما أكد السكان.

وشاهد مصورو وكالة الأنباء الفرنسية فلسطينيين يغادرون المكان سيرا على الأقدام وعلى دراجات وعربات تجرها حمير، حاملين أمتعتهم عبر الشوارع المليئة بالركام وتحت أزيز الطائرات المسيّرة.

الأمم المتحدة: “أوامر الإخلاء الجديدة مروعة”

وهذه ليست أول مرة يدعو فيها الجيش الإسرائيلي سكان غزة إلى إخلائها. ففي 27 يونيو/حزيران، دعا إلى إخلاء جزء من شرق القطاع، خصوصا منطقة الشجاعية وحيي التركمان والتفاح. والأحد في 7 يوليو/تموز، أمر بإخلاء بعض المناطق المجاورة للشجاعية. والإثنين أمر بإخلاء منطقة أوسع نطاقا تشمل حي الرمال وهو من أكبر أحياء مدينة غزة.

وتقول الأمم المتحدة إن عشرات آلاف الأشخاص اضطروا إلى الفرار. وبحسب السكان لا تزال حركة النزوح مستمرة إلى خارج المدينة فيما يقول آخرون إن ملجأهم الذين وصلوا إليه أصبح هدفا عسكريا أيضا.

واعتبر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن أوامر الإخلاء الجديدة “مروعة” وصدرت بحق المدنيين “الذين تم تهجير الكثير منهم قسرا عدة مرات، ونزوحهم إلى مناطق تشهد عمليات عسكرية للجيش الإسرائيلي وتسجل فيها حالات قتل وإصابة لمدنيين”.

وقال المكتب إن سكان غزة الذين طلب منهم مغادرة وسط مدينة غزة إلى الغرب الإثنين انخرطوا في قتال جديد عندما كثف الجيش الإسرائيلي “ضرباته في جنوب وغرب مدينة غزة مستهدفا نفس المناطق التي أصدر تعليمات للناس بالانتقال إليها”.

وتبقى مناطق غير مشمولة حاليا بأوامر الإخلاء وهي المنطقة الساحلية التي تضم مخيم الشاطئ والمناطق الجنوبية بما فيها حي الزيتون والمناطق الشمالية بما فيها حي الشيخ رضوان.

ودعي السكان الإثنين إلى التوجه جنوبا نحو دير البلح، لكن شهود عيان أفادوا بأن النازحين يفضلون التوجه إلى الغرب والشمال.

حماس: “إمعان في حرب الإبادة”

من جانبها، اعتبرت حماس في بيان أن “تصعيد جيش الاحتلال الصهيوني عدوانه على أحياء مدينة غزة، واستهدافه عشرات الآلاف من السكان المدنيين وإجبارهم على النزوح من بيوتهم تحت وطأة القصف الوحشي هو إمعان في حرب الإبادة المتواصلة ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة منذ أكثر تسعة أشهر”.

وقال عبدالله خمّاش وهو أحد سكان حي الرمال “إلى أين نذهب؟ قالوا لنا اذهبوا من هنا إلى هناك ثم يأتون إلينا. هذا يجعلنا نريد أن ندفن أنفسنا أحياء”. مضيفا: “عند الساعة الثالثة صباحا غادرنا منزل الجيران ونمنا في الشوارع. والآن سنعود لننام بين الردم”.

وأعلن الدفاع المدني في غزة عن “تلقي بلاغات بوجود عشرات الشهداء والمصابين” مشيرا إلى أن طواقمه لا تستطيع الوصول إليهم “في ظل القصف العنيف”، مشيرا إلى أن “قوات الاحتلال تحاصر عشرات العائلات”.

وفي جنوب القطاع، حيث صدرت تحذيرات لسكان في الأيام الأخيرة بوجوب إخلاء مناطقهم، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل عشرات المقاتلين في الشجاعية وأكثر من ثلاثين منهم في رفح واستهدف مواقع إطلاق صواريخ في خان يونس.

“حملة تجويع متعمّدة وموجّهة” أدت لوفاة آلاف الأطفال

وفي 7 مايو/أيار، شن الجيش الإسرائيلي عملية برية في رفح، المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر وُصفت بأنها المرحلة الأخيرة من الحرب ضد الحركة الإسلامية، ما دفع مليون فلسطيني إلى الفرار، حسب الأمم المتحدة.

وحذّرت مسؤولة الشؤون الإنسانية في المجلس النرويجي للاجئين ميساء صالح الإثنين لدى عودتها من مهمة ميدانية من أن قسما من المدنيين توجهوا إلى دير البلح في وسط القطاع حيث الأوضاع الإنسانية تتفاقم.

وقالت إن “السؤال الأول الذي يطرح كل صباح هو نفسه: ماذا سنأكل اليوم؟”، وأضافت “خلال فترة تواجدي في دير البلح، لم أرَ شيئا أشبه بمساعدة. إنها تقريبا غير موجودة”.

والثلاثاء، اتهم خبراء حقوقيون أمميون إسرائيل بشنّ “حملة تجويع متعمّدة وموجّهة” أسفرت عن وفاة آلاف الأطفال في غزة. وقال عشرة خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة في بيان: “نعلن أن حملة التجويع المتعمّدة والموجّهة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي شكل من أشكال عنف الإبادة وأدّت إلى مجاعة في جميع أنحاء غزة”، وأشاروا إلى أن ثلاثة أطفال ماتوا مؤخرا “بسبب سوء التغذية وعدم الحصول على الرعاية الصحية الكافية”.

يذكر، أنه وبعد أشهر من المفاوضات غير المباشرة وغير المثمرة، تنطلق حلقة جديدة من المباحثات بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار والإفراج عن رهائن “يرجّح جدا” أن تبدأ الأربعاء بمشاركة دول الوساطة الثلاث، وفق ما أعلن الإثنين مصدر فلسطيني.

وقال المصدر إن مدير الـ”سي آي إيه” وليام بيرنز ورئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع “يتوجهان إلى الدوحة الأربعاء”. وأضاف أنهما سيلتقيان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

المصدر: فرانس 24