استئناف المظاهرات لإسقاط نتنياهو
بعد توقف لمدة ثلاثة أسابيع، عادت حركات الاحتجاج الإسرائيلية والمظاهرات ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تحت عنوان «ارحل»، التي انطلقت من بعد ظهر السبت، واستمرت حتى ساعات الفجر الأولى من يوم أمس (الأحد)، في عدة مدن من البلاد، وعند الجسور وتقاطعات الطرق، ووصلت إلى بيت نتنياهو الخاص في قيسارية ثم إلى مقر رئاسة الوزراء في القدس الغربية.
وحمل المتظاهرون الأعلام الإسرائيلية والأعلام السوداء، وهتفوا بعبارة: «نعم، لتغيير الحكومة لا لانتخابات خامسة». وقال العميد في جيش الاحتياط، أمير هشكيل، أحد قادة حركات الاحتجاج، إنه ورفاقه لا يرون إمكانية لتغيير نتنياهو سوى في مظاهرات الشوارع، لأن القيادات الإسرائيلية الأخرى تفتقر لعامود فقري قوي. وقال: «لقد تظاهرنا طيلة عشرة شهور قبيل الانتخابات. وفي الانتخابات، حسم الجمهور قراره ضد نتنياهو، إذ صوت غالبيتهم للأحزاب التي أعلنت رغبتها في تغيير الحكم وإسقاط نتنياهو، ومنحتها 68 مقعداً من مجموع 120. لكن رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، منحه التكليف لتشكيل الحكومة بسبب تفتت المعارضة. وبهذا ارتكب خطأ فادحاً».
وقامت مجموعة من المتظاهرين بوقفة احتجاجية، مقابل مقر الرئيس رفلين أيضاً، القريب من مقر نتنياهو، وهتفوا: «اسحب التكليف من المتهم بالفساد». وقامت مجموعة ثالثة بالتظاهر أمام بيت المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، مطالبين بأن يصدر أمراً يحدد فيه مكانة نتنياهو «كرئيس حكومة عاجز عن أداء مهامه، كونه يحاكم بالفساد».
ولكن، ومع أن عدد هؤلاء المتظاهرين أجمعين لم يزد عن ألف شخص، فقد اعتبر خروجهم إلى التظاهر بعد توقف ثلاثة أسابيع انطلاقة مهمة ضد قادة كل الأحزاب الإسرائيلية، في الحكم والمعارضة، الذين لم يفلحوا في ترجمة نتائج الانتخابات إلى اللغة التي أوضحها الناخبون. كما رفعوا شعارات ضد الشرطة الإسرائيلية، التي تسير وفقاً لتعليمات وزير الأمن الداخلي، أمير أوحانا، المعروف بعدائه لهذه المظاهرات ولليسار، فتقوم بقمع المظاهرات من آن لآخر.
وقال إيلي غوجانسكي، وهو من المشاركين الدائمين في المظاهرات، إن «الاعتداء الوحشي على المتظاهرين الفلسطينيين والمتضامنين اليهود معهم، يوم الجمعة الماضي، كان تدريباً من الشرطة على قمع مظاهرات بلفور (أمام مقر نتنياهو). فقد انهالوا بالضرب الهمجي على المتظاهرين وأصابوا عضو الكنيست، عوفر كسيف، بجراح دامية، وفي هذا رسالة لنا جميعاً. وعلينا أن نرد بما يليق على هذه الرسالة، ونوضح أننا لا نتنازل عن حقنا في جعل إسرائيل دولة ديمقراطية حق التظاهر والتعبير مضمونين فيها ولا يحكمها رئيس وزراء فاسد». وأكد أن المظاهرات ستقام في نهاية كل أسبوع.
يذكر أن اعتداء الشرطة على عضو الكنيست كسيف، وهو النائب اليهودي الوحيد في «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، تم خلال مظاهرة فلسطينية، شارك فيها وفد تضامني من قوى اليسار اليهودية في إسرائيل، ضد ترحيل عائلات فلسطينية من بيوتها لتوطين مستوطنين يهود مكانهم، في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، بدعوى أنهم اشتروها من أصحابها.
وقد لكمه ضابط شرطة على وجهه وأصابه قرب عينه وكشر نظارته ومزق مصيه وأوقعه أرضاً.
وادعى الضابط لاحقاً أنه لم يعرف أنه عضو كنسيت. ورد كشيف على ذلك بالقول: «أولاً هو كذاب؛ فقد تكلمت كعضو كنيست مع قائد الشرطة قبل الاعتداء علي بربع ساعة. ولكن، هذا ليس أهم ما في الأمر، الأهم هو الرسالة من الاعتداء. فإذا كانوا يعتدون على عضو كنيست بهذا الشكل يمكنكم أن تتخيلوا كيف يعتدون على المتظاهرين الفلسطينيين. هؤلاء هم الضحية الحقيقية». وأضاف: «حكومة نتنياهو لا تكتفي بتحويل إسرائيل إلى دولة (أبرتهايد)، وفساد وتصر على جعلها فاشية».
تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو يواصل جهوده لتشكيل حكومة. وقالت مصادر مقربة من «الليكود» أن نتنياهو يخشى من الفشل، لأن عدداً من رفاقه في قيادة حزبه «الليكود» بدأوا يسمعون تذمراً من تمسكه بالحكم. ويقولون إنه في حال فشل في تشكيل حكومة، يجب أن يتنحى عن رئاسة «الليكود»، ويتيح لغيره أن يتولى زمام القيادة. وللرد على هؤلاء دعا نتنياهو بضعة ألوف من أعضاء الليكود إلى لقاء معه في القدس، وحرص على ألا يدعو إلى اللقاء أياً من وزرائه ونواب كتلته البرلمانية. واعتبرت هذه الخطوة محاولة منه لتحذير المتذمرين. ولكن هناك مَن يراها حلقة في سلسلة خطوات يُعِد لها نتنياهو بغرض تأليب الجمهور على أحزاب اليمين، مثل «يمينا» بقيادة بنيت، و«أمل جديد» بقيادة غدعون ساعر، كي يمتنع قادتها عن الانضمام إلى حكومة وسط مع اليسار.
المصدر: الشرق الأوسط