تونس: التعذيب داخل السجون يعود إلى الواجهة… أحزاب وجمعيات مدنية تطالب بوضع حد لانتهاكات الأمن للنقابات
عاد ملف «التعذيب داخل السجون» إلى واجهة الأحداث في تونس، في ظل الحديث عن أعمال عنف وانتهاكات جنسية ارتكبتها عناصر أمن ضد قاصرين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة، في وقت دعا فيه أكثر من خمسين حزباً سياسياً ومنظمة مدنية إلى تنظيم احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد لتجاوزات النقابات الأمنية.
وكشفت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن تجاوزات وصفتها بـ«الخطيرة» من قبل عناصر الأمن على خلفية الاحتجاجات الأخيرة، وصلت إلى حد «التعذيب وسوء المعاملة وانتزاع الاعترافات بالقوة ومداهمة المنازل دون إذن قضائي وتوجيه تهم سياسية كيدية وغيرها».
وخلال ندوة صحافية في العاصمة، قال رئيس الرابطة، جمال مسلم، إن «الإيقافات العشوائية والتعسفية ونزع الاعترافات دون تمكين الموقوفين من حق حضور المحامين عند البحث والمداهمات المروعة للمنازل والاعتداء على الموقوفين ومن ضمنهم أطفال قصر، يرتقي إلى درجة العقاب للحراك الاجتماعي» مشيراً إلى أن بعض عناصر المن «مارسوا تجاوزات صارخة للقوانين والدستور الذي يكفل حق التظاهر السلمي من دون التثبت والتحري في التهم الموجهة للمحتجين».
كما كشف تقرير أعدته الرابطة عن وجود «حالات تعذيب وسوء معاملة للموقوفين في مراكز الإيقاف وفي السيارات الأمنية، منها تجريد بعض القصر الموقوفين من ملابسهم وتهديدهم بالاغتصاب وسكب الماء عليهم وضربهم بالعصي، والاعتداء بالعنف الشديد ضد موقوفين ما تسبب في أضرار جسيمة، فضلاً عن الاعتداء على 80 في المئة من أولياء الأطفال القصر الموقوفين خلال مداهمة المنازل أو في مراكز الإيقاف».
كما أشار التقرير إلى «إرغام الموقوفين على توقيع محاضر البحث من خلال تعنيفهم وعدم السماح للمحامين بالحضور في مراكز الأمن لإنابتهم في تعد صارخ للقانون عدد 5 لسنة 2016 المتعلق بضمانات المحتفظ بهم لدى باحث البداية (…) ومن بين التهم الموجهة للموقوفين تهم الاعتداء على أمن الدولة الداخلي والإضرار بممتلكات الغير وإضرام النار عمداً في مباني الغير والاعتداء المدبر على حرية الجولان ليلاً ومخالفة قانون الطوارئ والتحريض على الشغب والهرج والتشويش. وتراوحت الأحكام ضد القصر من 50 ديناراً خطية إلى عقوبات بالسجن تصل إلى أكثر من 4 سنوات».
ودعا أكثر من خمسين حزباً سياسياً ومنظمة مدنية وهيئات شبابية إلى تنظيم احتجاجات واسعة في العاصمة للتنديد بالانتهاكات المستمرة لعناصر الأمن.
وجاء في بيان أصدرته الأحزاب والمنظمات المذكورة: «تعيش البلاد منذ حوالي شهر على وقع احتجاجات شعبية في مناطق عدة، رفضاً للخيارات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات المتعاقبة التي عمقت الأزمة بكل أبعادها خاصة لدى الفئات الشعبية والهشة والتي كانت الأكثر تضرراً من الأزمة الوبائية، وجوبهت هذه التحركات بأبشع أنواع القمع والبطش البوليسي مما أسفر عن سقوط «هيكل الراشدي» في سبيطلة (القصرين) وإيقاف أكثر من 1600 محتج من الأحياء الشعبية».
وأضاف البيان: «ودخلت حملة القمع في الأيام الأخيرة في منعرج خطير تحولت فيه بعض النقابات الأمنية من هياكل نقابية إلى طرف سياسي في ثوب تنظيم يميني متطرف، وعصابات مسلحة تهدد المحتجين بالإيقاف والتنكيل وتكفرهم، وتدعو إلى منع الاحتجاجات وحق التعبير، في انتهاك صارخ للحقوق الدستورية».
ودعا الموقعون على البيان الحكومة إلى محاسبة النقابات الأمنية وقادتها «بما في ذلك تتبعهم قضائياً، بسبب حملات التكفير والدعوات للاعتداء على المواطنين المحتجين.
كما دعوا لإطلاق سراح جميع المحتجين وإيقاف جميع الملاحقات الأمنية والقضائية الصادرة ضدهم، فضلاً عن محاسبة المتورطين في قضايا الانتهاكات والقتل، وكشف حقيقة الاغتيالات السياسية، والقطع مع سياسة الإفلات من العقاب.
وكتب عدنان منصر، الأمين العام السابق لحزب الحراك، على صفحته في موقع فيسبوك: «تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان حول التعامل الأمني والقضائي مع الموقوفين في الاحتجاجات الأخيرة مفزع ومخيف. لا أعتقد أن الانتهاكات التي تمت بمناسة هذه الأحداث والتواطؤ الذي وقع بين الأمن والقضاء، قد بلغ مثل هذا المستوى نوعاً وكماً منذ أحداث الثورة، أي قبل أكثر من عشر سنوات».
وأضاف: «وقع ذلك بتحريض مباشر ممن هم في الحكم وحوله، في سياق عمليات تشويه طالت المحتجين، واستعملت الاعتقالات العشوائية وصدرت الأحكام بسرعة قصوى مما يثير التساؤل حول ما إذا كانت الحريات فعلاً في مأمن بعد عشر سنوات من «الانتقال الديمقراطي». ما حصل شنيع إلى درجة لا تصدق، وقد تزامن مع حالات تعنيف شديد واعتداءات بالجملة على حقوق المتهمين سكت عنها القضاء بطريقة مخزية. ما حصل عار على تونس».
وكانت نقابات أمنية في عدة مدن تونسية بدأت إضراباً شاملاً عن العمل، للتعبير عن غضبها من الاعتداء على عناصر الأمن خلال احتجاجات في العاصمة، فيما ردد عناصر أمن خلال مظاهرة في مدينة صفاقس (جنوب شرق) شعارات تنتقد رئيس الحكومة وعدداً من الأحزاب السياسية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في البلاد.
المصدر: القدس العربي