عودة “الإعدام” إلى الجزائر.. جدل “الرفض” و”التأييد”

 

عاد الحديث عن عقوبة الإعدام في الجزائر إلى الواجهة، عندما أكد وزير العدل أمام نواب الغرفة الثانية للبرلمان أنه “لا يوجد أي مانع محلي أو دولي من تطبيق عقوبة الإعدام” وأن الجزائر “حرة وإذا اقتضى الأمر سيتم تنفيذ هذه العقوبة”.

وجاء هذا الموقف في سياق جلسة برلمانية خصّصت لمناقشة مشروع قانون الوقاية من اختطاف الأشخاص ومكافحته، نهاية الأسبوع الماضي.

ورحب البعض بهذا التصريح فيما تعامل معه حقوقيون بحذر، لكن أغلب تدخلات نواب البرلمان تمحورت حول ضرورة تطبيق عقوبة الإعدام ضد الجناة في قضايا “الاختطاف”.

في غضون ذلك، استدل وزير العدل، بلقاسم زغماتي، في هذا الشأن بأن التشريع الوطني وخاصة الجزائي يعد من “سمات السيادة الوطنية لأن هذا التشريع (الجزائي) له علاقة مباشرة بالحفاظ على النظام العام وهو من ممارسات السيادة”.

واعتُبر هذا التصريح بمثابة رد غير مباشر على المنظمات غير الحكومية الدولية التي توجه انتقادات للحكومات بخصوص قضايا وملفات ذات علاقة بحقوق الإنسان.

الدستور الجديد والحق في الحياة

ومعروف أن تطبيق حكم الإعدام “مجمد” في الجزائر منذ عام 1993، وذلك بعد المصادقة على لائحة أممية متعلقة بإلغائها، غير أنها لم تلغها من قانون العقوبات ولم تتوقف المحاكم عن إصدارها طيلة هذه الفترة.

وتطالب منظمات حقوقية الحكومة بإلغاء هذه العقوبة، أو تتمنى التخلي عنها مستقبلا، خوفا أن يتحول الإعدام إلى أداة مستغلة سياسيا.

ولمّح رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان (هيئة حكومية) ضمنيا بالقول قبل أسابيع، إن الدستور الجديد (تم الاستفتاء الشعبي عليه في 1 نوفمبر الماضي) “خصص مادة جديدة تتعلق بالحق في الحياة” وبالتالي من يرتكب جريمة قتل يجب أن نوفر له “محاكمة عادلة”.

لكن في الفترة الأخيرة ارتفعت الأصوات الشعبية المنادية بالعودة إلى تنفيذ عقوبة الإعدام ضد المتورطين في اختطاف وقتل الأطفال، خاصة بعد الحادثة المأساوية للفتاة شيماء (19 سنة)، إذ تعرضت للاختطاف ثم الاغتصاب والقتل والحرق وتم العثور على جثتها متفحمة في محطة مهجورة للوقود.

من جهة أخرى، تقترح بعض المنظمات الحقوقية أن تكون عقوبة الإعدام جزءا من الحل وليس كل الحل لمعالجة الظاهرة، خصوصا فيما يخص الاختطاف المتبوع بالقتل والاعتداء الجنسي والتنكيل، وأن يرفع التجميد عليه استثنائيا فيما يخص هذه الجرائم فقط، وليس أن يطبق الإعدام على كل القضايا.

المؤيدون للخطوة

تؤيد عدة أطراف في الجزائر العودة إلى تفعيل عقوبة الإعدام بما فيها الجمعيات الدينية وبعض الأحزاب التي تصنف الأمر بأنه يندرج في سياق “القصاص” الذي تنص عليه الشريعة.

وتؤيد هذه الأطراف العودة إلى تنفيذ عقوبة الإعدام في سياق القصاص من مرتكبي مختلف أنواع الجرائم، وأن يكون تنفيذ الإعدام محاطا بضمانات وشروط معينة، وتعتبر أن القصاص يدخل ضمن حقوق الإنسان لأن الضحية لا بد أن يُرد الاعتبار له إنسانيا.

كما تتساءل من جانب آخر، عن جدوى إدراج عقوبة في القانون من دون أن يتم تنفيذها على من يستحقها من الجناة الذين استفحلت جرائمهم في المجتمع في السنوات الأخيرة.

السجن المؤبد بديلا للإعدام

وتشير بعض الجهات الحقوقية المقربة من السلطات أن الجزائر بإمكانها العودة إلى تطبيق أحكام الإعدام، لأنه كما قال وزير العدل: “حتى اليوم لم توقع الجزائر ولم تصادق على أي اتفاقية أو معاهدة دولية تمنع اللجوء إلى عقوبة الإعدام سواء في التشريع أو التنفيذ”، وأشار إلى أن توصية 2007 الخاصة بجمعية الأمم المتحدة “ليست ملزمة باعتبارها التزاما معنويا وأدبيا فقط”.

ويقول الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه “لا توجد مادة في القانون الدولي تمنع الجزائر من تنفيذ قوانينها بما فيه الإعدام ولو بصفة مؤقتة”.

ورغم اعترافه بأن هناك من يستحق عقوبة الإعدام، إلا أن قسنطيني المحامي الذي ترأس لسنوات هيئة حقوقية تابعة لرئاسة الجمهورية إبان حكم الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، يقترح السجن المؤبد من دون عفو بديلا عن عقوبة الإعدام، مؤكدا أن عقوبة الحبس المؤبد “أشد” على الجاني من الإعدام.

وللإشارة فإن وزير العدل، بلقاسم زغماتي، اعترف بـ”وجود نقاش على المستوى الوطني وكذا الدولي بين فريق يؤيد تطبيق عقوبة الإعدام وله حججه وفريق آخر يُرافع من أجل عدم تطبيق هذه العقوبة”، لكنه دعا الطرفين إلى “إرجاع الأمور إلى طبيعتها”.

المصدر: سكاي نيوز عربية