فرنسا ودول أخرى تدعو رعاياها لمغادرة لبنان وإيران “بأسرع وقت” في ظل تصاعد التوتر بالمنطقة

بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، دعت كل من فرنسا وإيطاليا والسعودية الأحد رعاياها إلى مغادرة لبنان فورا في ظل المخاوف من تصعيد عسكري بين إيران وحلفائها من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في عملية نسبت إلى إسرائيل واغتيال القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر في ضربة إسرائيلية قرب بيروت.

قرب تل أبيب، وقع هجوم بالسكين أسفر عن مقتل شخصين قبل أن يُقتل المهاجم. في قطاع غزة، سجل قصف إسرائيلي على مناطق عدة أوقع عددا من القتلى، بينما يتواصل التصعيد على الجبهة الشمالية لإسرائيل مع حزب الله الذي أطلق الليلة الماضية عشرات الصواريخ على شمال الدولة العبرية اعترض نظام القبة الحديدية الإسرائيلي العدد الأكبر منها.

واتهمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله إسرائيل باغتيال هنية، بعد ساعات على الضربة الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل شكر في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله.

ولم تعلّق الدولة العبرية على اغتيال هنية الذي تعهّد القادة الإيرانيون ب”الثأر” له. كما توعد حزب الله بالانتقام لمقتل شكر.

مغادرة لبنان “فور الإمكان”

ومع تصاعد المخاوف من اشتعال المنطقة، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أن الوزير أيمن الصفدي سيجري زيارة نادرة الى طهران الأحد ينقل خلالها رسالة الى المسؤولين الإيرانيين “حول الأوضاع في المنطقة والعلاقات الثنائية”. فيما ذكرت وكالة أنباء “إرنا” الرسمية الإيرانية أن الصفدي سيبحث “القضايا الإقليمية والدولية”.

ودعت السويد والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن خلال الساعات الماضية رعاياها إلى مغادرة لبنان فورا.

في باريس، طلبت وزارة الخارجية من الرعايا الفرنسيين مغادرة لبنان “فور الإمكان”، كما أوصت رعاياها المقيمين في إيران “بمغادرة البلاد مؤقتا”، بعدما طلبت الجمعة من الفرنسيين الذين يزورون البلد إلى مغادرته “في أسرع وقت”.

كما ذكرت السفارة السعودية في بيروت في بيان على منصة اكس أنها “تتابع عن كثب تطورات الأحداث في جنوب لبنان وتجدّد السفارة دعوة المواطنين السعودية لمغادرة الأراضي اللبنانية بشكل فوري التزاما بقرار منع السفر إلى لبنان”، المفروض منذ أيار/مايو 2021.

من جهتها قالت وزارة الخارجية الإيطالية إن إيطاليا حثت رعاياها على مغادرة لبنان بسبب خطر التصعيد العسكري في الشرق الأوسط.

وعبر منصة إكس، دعا وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الأحد الإيطاليين الموجودين مؤقتا في لبنان إلى عدم السفر إطلاقا إلى جنوب البلاد وإلى العودة إلى إيطاليا في أقرب وقت ممكن على متن رحلات تجارية “نظرا للوضع المتدهور”.

وأضاف “ندعو أيضا الإيطاليين إلى عدم التوجه إلى لبنان في رحلات سياحية”.

السفارة الأمريكية: “حجز أي بطاقة سفر متاحة”

وطلبت كندا منذ نهاية حزيران/يونيو من رعاياها مغادرة لبنان، ودعتهم السبت إل “تفادي أي زيارة إلى إسرائيل”.

أما السفارة الأمريكية في لبنان فقد حثت أيضا الأمريكيين السبت على “حجز أي بطاقة سفر متاحة” لهم لمغادرة البلاد، وسط مخاوف من اندلاع حرب بين اسرائيل وحزب الله في ظل تصاعد في التوتر الإقليمي.

وقالت السفارة في بيان نشر على موقعها الإكتروني “نحضّ الراغبين بمغادرة لبنان إلى حجز أي بطاقة سفر متاحة لهم، حتى ولو كانت الرحلة لا تغادر على الفور، أو لا تتبّع الطريق الذي يشكّل الخيار الأوّل بالنسبة لهم”، مشيرةً إلى أنه على الرغم من تعليق وإلغاء العديد من الرحلات إلّا أن “خيارات النقل التجارية لمغادرة لبنان لا تزال متوفرة”.

والأحد جددت دعوتها على لسان جوناثان فاينر نائب مستشار مجلس الأمن القومي الأمريكي الذي قال إن المتحدة طلبت من مواطنيها مغادرة لبنان وقررت نشر المزيد من القوات في الشرق الأوسط في إجراء وقائي ودفاعي.

الحكومة البريطانية أيضا حثّت السبت مواطنيها في لبنان على مغادرة البلاد فورا.

وقالت وزارة الخارجية في بيان إن على الرعايا البريطانيين مغادرة لبنان “الآن بينما ما زالت الخيارات التجارية متاحة”.

وقال وزير الخارجية ديفيد لامي في البيان “التوترات مرتفعة والوضع مرشح للتدهور السريع. وبينما نعمل على مدار الساعة لتعزيز وجودنا القنصلي في لبنان فإن رسالتي للمواطنين البريطانيين هناك واضحة وهي: غادروا في الحال”.

أوضحت الوزارة أنها “تعزز” دعمها للبريطانيين في البلاد من خلال نشر “قوة حدودية ومسؤولين قنصليين وعسكريين في المنطقة”.

وعلّقت شركات جوية رحلاتها إلى بيروت، من بينها شركة لوفتهانزا الألمانية حتى 12 آب/اغسطس، فيما مددت شركتا “إير فرانس” و”ترانسافيا فرانس” هذا الإجراء حتى الثلاثاء. وستوقف الخطوط الجوية الكويتية رحلاتها اعتبارا من الاثنين، وستلغي الخطوط الجوية القطرية رحلاتها الليلية إلى بيروت حتى الإثنين.

كما علقت لوفتهانزا رحلاتها إلى تل أبيب حتى 8 آب/أغسطس.

إسرائيل: “جاهزون لأي سيناريو”

وتوعد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي بإنزال “عقاب قاسِ” بإسرائيل. كما توعّد الحرس الثوري الإيراني في بيان السبت إسرائيل بـ”العقاب الشديد في الزمان والمكان والطريقة المناسبة”.

وتوقعت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة السبت أن يرد حزب الله على اغتيال شكر بضربات “في عمق” إسرائيل وأن “لا يكتفي بأهداف عسكرية”، بعدما أكد الأمين العام للحزب حسن نصر الله أن “الرد آت حتماً”.

في المقابل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن بلاده على “مستوى عالٍ جدا” من الاستعداد لأي سيناريو “دفاعي وهجومي”.

وقال قائد الجبهة الداخلية في إسرائيل رافي جيلو السبت أن الجيش “مصمّم على مواصلة القتال حتى نغيّر بشكل جذري الوضع الأمني في الشمال”، مضيفا، بحسب بيان صدر عن الجيش، “نحن مستعدّون لكل سيناريو ولكل ردّ”.

وأعلنت الولايات المتحدة، الحليف الأكبر لإسرائيل، الجمعة تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط بهدف “تحسين حماية القوات الأميركية وزيادة الدعم للدفاع عن إسرائيل”، بحسب ما أوضحت وزارة الدفاع.

وأدّت الحرب في قطاع غزة التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على إسرائيل، إلى فتح جبهات ضد الدولة العبرية من حزب الله والحوثيين اليمنيين وفصائل عراقية، وهي مجموعات تنضوي كلها ضمن “محور المقاومة” الذي تقوده إيران.

وأعلن حزب الله في بيان ليل السبت الأحد قصف شمال إسرائيل “بعشرات صواريخ الكاتيوشا”، مشيرا إلى أنه قصف للمرة الأولى منطقة بيت هلل، رداً على قصف اسرائيلي أصاب “مدنيين” في جنوب لبنان.

وقال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة الأحد إن حوالى 30 صاروخا أطلقت من جنوب لبنان نحو إسرائيل وأسقطت غالبيتها، من دون تسجيل إصابات.

ويتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بصورة يومية منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.

في قطاع غزة المدمر والمحاصر والمهدّد بالمجاعة بحسب الأمم المتحدة، أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني عن مقتل 16 فلسطينيا جراء القصف الإسرائيلي في جباليا (شمال) ودير البلح (وسط)، وذكر مصدر استشفائي أن خمسة منهم قضوا حين استهدفت مسيّرة خيم نازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.

كما تعرضت مدينة غزة (شمال) لعمليات قصف من البر والبحر والجو، واستهدف القصف البريج والنصيرات (وسط) ورفح (جنوب)، بحسب شهود.

“الإرهابي لا يخرج حيا”

في إسرائيل، قتل شخصان وأصيب اثنان بجروح الأحد في هجوم بالسكين قرب تل أبيب، على ما أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية والشرطة.

وأوردت خدمة “نجمة داوود الحمراء” في بيان أنه “كان هجوما إرهابيا معقدا وصعبا، إذ كان الضحايا في ثلاثة مواقع مختلفة على مسافة حوالى 500 متر الواحد عن الآخر”.

وتوفيت امرأة عمرها 66 عاما إثر إصابتها بجروح بالغة في الهجوم الذي وقع في مدينة حولون بضاحية تل أبيب، وتوفي بعدها بقليل رجل يناهز الثمانين من العمر متأثرا بإصابته، بحسب ما أفاد مستشفى ولفسون في المدينة.

وذكر موقع “واي نت” الإخباري الإسرائيلي أنهما زوجان.

وأفادت الشرطة في بيان أن شرطيا وصل إلى الموقع “حيّد” الشخص الذي نفّذ “الهجوم الإرهابي”، وهو من سكان الضفة الغربية المحتلة.

وقال قائد شرطة تل أبيب بيرتس لصحافيين إن عناصر الشرطة أمروا المهاجم بإلقاء السكين وعندما “لم يستجب” أطلقوا عليه النار. وقال المفوض العام للشرطة الإسرائيلية أفشالوم بيلد “إنها سياسة، في أي حادثة مشابهة نواجه فيها إرهابيا، الإرهابي لا يخرج حيا”.

وخلّف هجوم حماس قبل حوالى عشرة أشهر 1197 قتيلا، غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام إسرائيلية رسمية.

كما خطف المهاجمون 251 شخصاً ما زال 111 منهم محتجزين في غزة، بينهم 39 يقول الجيش إنهم قُتلوا.

وتسبّب القصف الإسرائيلي المدمّر والهجوم على قطاع غزة بسقوط 39583 قتيلا، غالبيتهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

وقال نتانياهو الأحد خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي أنه مستعد “للمضي بعيدا جدا للإفراج عن كل رهائننا، مع الحفاظ على أمن إسرائيل”. لذلك أرسل وفدا أمس الى القاهرة التي تتوسّط الى جانب واشنطن والدوحة للتوصل الى اتفاق للإفراج عن الرهائن وتنفيذ هدنة باتت الآمال فيها مستبعدة في الوقت الحالي.

المصدر: فرانس 24