غلاء الأسعار يفجر احتجاجات في شوارع المغرب

لم يجدِ عدد من المغاربة بُدًّا من الخروج إلى الشارع، احتجاجًا على ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الذي زادت حِدَّته خلال الشهور الأخيرة.
واستجاب مئات المواطنين المغاربة في عدد من المدن كالدار البيضاء وأغادير ومكناس والرباط، لدعوات “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، وهي هيئة نقابية، من أجل تنظيم تجمعات احتجاجية أمام كافة مقراتها على الصعيد الوطني أول أمس الأحد، احتجاجًا على التضييق على الحريات النقابية وتجميد الحوار الاجتماعي وارتفاع الأسعار.
وقال بيان لنقابة “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، اطلعت عليه “القدس العربي”، إن الحكومة المغربية لم تقم بتفعيل ما يتيحه القانون من تدخل لتسقيف الأسعار أو تحديد هامش للربح من أجل حماية القدرة الشرائية للمغاربة التي تضررت بشكل كبير، خاصة في ظل تداعيات الأزمة الصحية “كوفيد 19”.
ودعت النقابة المغربية إلى ضرورة التدخل لوقف التصاعد المستمر لغلاء أسعار المواد الأساسية وتفعيل ما ينص عليه القانون 104.12 في مادته الرابعة، واتخاذ التدابير اللازمة ضد الارتفاع الفاحش في الأسعار الذي أضر بالقدرة الشرائية لفئات واسعة من المواطنين.

لهيب الأسعار

وفق تقرير رسمي صادر حديثًا عن المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة إحصائية)، عرفت عدد من المواد الغذائية ارتفاعًا في أسعارها، خلال الشهرين الأخيرين من 2021، على رأسها “الخضر” بـ 4,7%، و”الزيوت والدهنيات” بـ 1,4%، و”الخبز والحبوب” بـ 1,0%، و”القهوة والشاي والكاكاو” بـ 0,3%..
وأبرز التقرير الذي اطلعت عليه “القدس العربي” أن مؤشر التضخم الأساسي الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، قد عرف ارتفاعًا بـ 0,3% خلال كانون الأول/ ديسمبر 2021 مقارنة مع الشهر السابق.
ولم تشمل الزيادات في أسعار المواد الغذائية فقط، حيث سجَّل تقرير المؤسسة الرسمية المغربية ارتفاعًا للأثمان عند الإنتاج لقطاع “الصناعات التحويلية باستثناء تكرير البترول” بـ 2,9% وغيرها من الصناعات الكيماوية والتحويلية.
الارتفاع في الأسعار لم يتوقف عند آخر شهرين من السنة المنصرمة، بل عانى المغاربة من استمرار ارتفاع الأسعار خلال الشهرين الأول والثاني من عام 2022 دون توقف.
وفي وقت رفع فيه المحتجون شعارات تنديدية بسبب غلاء الأسعار مُنادين برحيل الحكومة، قال عبد الحميد الحسون، مسؤول نقابي بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل في الدار البيضاء، إن على جميع المغاربة إيجاد أجوبة شافية عن تساؤل مؤرق حول غلاء الأسعار، “مواطنون مغاربة لا يجِدون قوت يومهم وهم يقومون بإلهائنا بمواضيع جانبية. كما تقوم الحكومة بتدبير الأمور بشكل أحادي دون إشراك النقابات ولا باقي الهيئات”، وفق تعبيره متحدثًا لوسائل إعلام محلية.
وأبرزت إحدى النقابات المحتجات في مدينة الدار البيضاء أن جائحة “كورونا” خلَّفت وضعية جد هشة لدى الآلاف من الأسر، زاد من وطأتها الارتفاع المهول في أسعار المواد الاستهلاكية وأسعار المحروقات، وأن الوقفة الاحتجاجية جاءت للتنديد بالضرب في جيوب المواطنين المغاربة.
نقابيو مدينة الرباط بدورهم، نظموا وقفات احتجاجية مماثلة، مُعربين عن إدانتهم واستيائهم مما يمس الحياة اليومية للمغاربة، “ما يؤثر سلبًا على فقراء الوطن بل والطبقات الوسطى التي تعتبر صمام أمان للمجتمع، بالإضافة إلى غياب الحوار الاجتماعي مع الحكومة”، منتقدين ما اعتبروه “الخطأ الفادح الذي قامت به حكومة بن كيران بتحرير أسعار البترول”، مطالبين بتصويب هذا الخطأ وإعادة النظر في تسقيف الأسعار واتخاذ خطوات ملموسة لحل هذه المشكلات.

حقوق المستهلك

تعليقًا على الخطوة، أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن الوقفات الاحتجاجية التي خرجت للشارع دليل على تفاقم الوضع وأن الوصول للاحتقان بسبب الغلاء وارد جدًا.
وطالب الحكومة المغربية، خلال حديثه لـ”القدس العربي”، بنهج عدد من الإجراءات على رأسها التراجع عن الضريبة وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة إلى 3.5 في المئة، بالإضافة إلى اللجوء إلى تفعيل القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.
وتنص المادة 4 من القانون المذكور على “اتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية بشكل واضح في السوق بقطاع معين. ولا يجوز أن تزيد مدة تطبيق التدابير المذكورة على ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة من طرف الإدارة”.
وحذر الخراطي الحكومة المغربية من مغبة التجاهل وعدم الاهتمام الذي تسلكه تجاه الوضع المؤشر على غضب المواطن البسيط الذي بات يكتوي بلهيب الأسعار، مؤكداً أن الكلام غير ذي جدوى في هذه الظروف العصيبة المقترنة بتداعيات الجائحة وبقلة التساقطات المطرية، وأن الخطوات التي ينتظر المجتمع المدني تفعيلها عليها أن تكون قرارات جريئة تتخذ على أرض الواقع وبسرعة، وفق تعبيره.

المصدر: القدس العربي