بريطانيا ترفع حظر اللجوء عن نحو 100 ألف مهاجر

قررت الحكومة البريطانية الجديدة وقف العمل بـ”قانون رواندا” الذي أقره البرلمان الماضي ومنع نحو 100 ألف مهاجر من تقديم طلبات لجوء في المملكة المتحدة، مما أثار حفيظة المعارضة التي بات يقودها حزب المحافظين منذ الرابع من يوليو (تموز) الجاري، بخاصة أن لندن أنفقت مئات ملايين الجنيهات الاسترلينية على خطة الترحيل إلى الدولة الأفريقية ولكنها لم توفق بتنفيذها في عهد الحكومات السابقة.

وقالت وزيرة الداخلية إيفان كوبر، إن أكثر من 90 ألف مهاجر وصلوا عبر القوارب سيسمح لهم بتقديم طلبات لجوء في بريطانيا، كما سيكون لطلباتهم أولوية من أجل حسمها بسرعة وإنهاء إقامتهم الفندقية التي “تكلف خزانة الدولة أموالاً طائلة”، متوقعة أن يوفر ذلك على الحكومة 7 مليارات جنيه استرليني خلال العقد المقبل.

في السياق ذاته أعلنت وزارة الداخلية أن العبارة “بيبي ستوكهولم” التي استأجرتها الحكومة السابقة لاحتجاز نحو 400 لاجئ جنوب البلاد ستغلق مع انتهاء عقدها مطلع يناير (كانون الثاني) 2025. كما سيغلق موقعين خصصاً للغرض ذاته خلال الأشهر الماضية، إذ لم يعد هناك حاجة لهما بعد إلغاء “خطة رواندا”.

أقرت بريطانيا في أبريل (نيسان) الماضي “قانون رواندا” الذي منح الحكومة صلاحية ترحيل المهاجرين وتعطيل حقهم بتقديم طلبات اللجوء إلى حين وصولهم للدولة الأفريقية. لكن على رغم ذلك لم ترسل لندن أي دفعة من اللاجئين، وقرر رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك ربط بدء العملية بإعادة انتخاب حزبه لولاية جديدة في الانتخابات العامة الماضية التي خسر فيها “المحافظون” مقابل “العمال” بقيادة كير ستارمر.

دول الحروب

ثمة أكثر من 12 ألف مهاجر من إيران وسوريا وأفغانستان شملهم القرار الجديد، وطلبات لجوء هؤلاء في غالبيتها الساحقة تحسم لصالح المتقدمين لأن الدول الثلاث غير آمنة لإعادتهم ولم يعد من المتاح ترحيلهم إلى جهة ثالثة بعد أن تخلت حكومة كير ستارمر عن خطة ترحيل القادمين بشكل غير شرعي إلى رواندا الأفريقية التي أقرها حزب المحافظين في عهد رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون عام 2020.

في حديث مع “اندبندنت عربية” تقول المحامية المتخصصة في شؤون الهجرة سالي ديفيز، إن طلبات لجوء القادمين من دول الحروب في الشرق الأوسط أو مناطق أخرى ستحسم بسرعة لصالح قبولها ومنحهم حق اللجوء الإنساني لمدة خمسة أعوام، يحق لهم بعدها التقدم إلى الإقامة الدائمة وفق ما تنص عليه قوانين واتفاق حقوق الإنسان الأوروبية، منوهة إلى أن العائق الوحيد أمام قبول هذه الطلبات سيكون مرتبطاً بحالة المتقدم نفسه في ما إذا كان متورطاً بجرم أو مخالفة تحول دون منحه حق اللجوء والإقامة.

انتقد وزير الداخلية السابق جيمس كليفرلي توجه الحكومة العمالية، وتساءل إن كانت كوبر قد بدأت بالتفاوض مع حكومتي “طالبان” وخامنئي لإعادة اللاجئين من أفغانستان وإيران؟ لكن متحدث باسم الوزارة قال، إن الإسراع بحسم طلبات اللجوء المعلقة للمهاجرين غير الشرعيين يعني تسريع ترحيل الذين وصلوا من دول آمنة مثل الهند، وإقامتهم في الفنادق من دون أي إجراء يخفف أعباء الخزانة ويخدم صالح البريطانيين.

عبر بحر القنال الإنجليزي بين بريطانيا وفرنسا 46 ألف مهاجر في عام 2022، ثم تراجع العدد إلى 29 ألفاً في 2023، أما في النصف الأول من العام الحالي فبلغ الشواطئ الإنجليزية نحو 15 ألفاً من بينهم أكثر من 1000 قدموا بعد وصول حزب العمال إلى السلطة في الرابع من يوليو (تموز) الجاري إثر فوزه في الانتخابات العامة.

توجه جديد

قبل أيام فقط قال رئيس الوزراء كير ستارمر، إن بلاده ستبحث عن حلول لوقف الهجرة غير الشرعية إلى المملكة المتحدة من دون التخلي عن الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان، مما يضمن لكل مهاجر قادم من دول حرب أو ظروف معيشية غير إنسانية، أن يتقدم بطلب لجوء بمجرد وصوله أراضي الدولة بصورة قانونية أو غير قانونية.

قبل “بريكست” كان يمكن للمملكة المتحدة إعادة كل لاجئ يصل إليها عبر الاتحاد الأوروبي من خلال اتفاقية “الوجهة الأولى” أو إلزام اللاجئ بالبقاء في الدولة الأولى التي يصلها بالقارة العجوز ويسجل اسمه في قوائم اللاجئين إليها، ولكن بعد طلاق لندن وبروكسل لم يعد الخيار قائماً، ولم تفلح الحكومات البريطانية المتعاقبة منذ 2020 في إبرام أي صيغة قانونية بديلة مع التكتل مما فجر “هجرة القوارب” كما توصف محلياً.

تراهن الحكومة العمالية الجديدة في لندن اليوم على تعاون الاتحاد الأوروبي معها لوأد الهجرة عبر البحر في مواطنها، أي قبل تحركها من الشواطئ الفرنسية باتجاه السواحل البريطانية. ومن أجل منح الجهات المتخصصة في المملكة المتحدة مزيداً من الصلاحيات والأدوات لمكافحة “قوارب الموت” تعد حكومة كير ستارمر قانوناً يصنف مهربي البشر كإرهابيين يمكن تتبعهم خارج الحدود وتجميد أرصدتهم وملاحقتهم أمنياً.

منذ أسبوع نشرت دورية وزارة الدفاع في المملكة المتحدة خبراً مفاده أن قوات خفر السواحل البريطانية أجبرت زورقاً يحمل 70 مهاجراً على العودة لنقطة انطلاقه في شواطئ فرنسا، لم تسمح باريس بمثل هذا من قبل ولكن مراقبين يرون فيه إشارة إلى توجه الاتحاد الأوروبي اليوم نحو الانفتاح على تحسين العلاقات مع بريطانيا.

المصدر: اندبندنت عربية