الجسم الطبي الجزائري يضغط على الحكومة لإعلان حالة الطوارئ

تواجه السلطات السياسية في الجزائر ضغطاً متزايداً لدفعها إلى إعلان حالة الطوارئ، ونشر الجيش في المدن الكبيرة لتنفيذ حجر صحي شامل، بدل صيغته الجزئية التي يجري العمل بها منذ أيام قليلة. وتلح الأطقم الطبية وشبه الطبية، أكثر من أي فئة أخرى في المجتمع، على وقف النشاط الاقتصادي والتجاري كلياً، وإلزام الجزائريين بالبقاء في بيوتهم، ولو تطلب ذلك استعمال القوة ضد من يخرج.

وأعلنت وزارة الصحة، اليوم الإثنين، تسجيل 29 إصابة جديدة مؤكدة بوباء «كورونا»، ليرتفع عدد المصابين إلى 230، ولم تشر الوزارة إلى تسجيل وفيات جديدة ليستقر العدد عند 17 وفاة.

ويوجد شعور عام في أوساط الأطباء والممرضين، بأن الحكومة تترقب وصول عدد الوفيات جراء الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد إلى المئات حتى تجد في ذلك سبباً قوياً لفرض الحجر الصحي الكامل.

وتعالت أصوات مطالبة بالتمثل بتونس التي أعلنت حالة الطوارئ، رغم أن عدد الإصابات والوفيات في هذا البلد الجار بعيد عن الحصيلة المسجلة في الجزائر.

وأطلق عشرات الصحافيين لائحة تحمل أسماءهم وأسماء المؤسسات الإعلامية التي يعملون فيها، تتضمن مطلباً واحداً، وهو إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول في كل مناطق البلاد على مدار الساعة.

ويعد النظام الصحي في الجزائر من أضعف القطاعات والمرافق، فقد أهملته الحكومات السابقة، خاصة في الـ20 سنة من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999ـ 2019)، إذ أنفقت أكثر من 800 مليار دولار وقت البحبوحة المالية، على التنمية والبنى التحتية، لكن لم تبنِ مستشفى واحدا يوفر خدمات طبية لائقة.

وفي هذا الظرف الصعب، يجد أكثر المعارضين للرئيس السابق فرصة لتجديد التهجم عليه بحجة أنه غادر الحكم (تحت ضغط انتفاضة شعبية غير مسبوقة)، مخلفاً وراءه منظومة صحية مشلولة، ظهرت عيوبها مع بداية تفشي وباء «كورونا».

ويقول طبيب بمصلحة الأوبئة في «مستشفى سليم زميرلي»، بالضاحية الجنوبية للعاصمة، لـ«الشرق الأوسط»: «على الجزائريين أن يدركوا جيداً أن أكبر مستشفيات البلاد لا تملك الوسائل الطبية لإسعافهم إذا زاد عدد المصابين على حد معين، 200 على أكثر تقدير». ويضيف: «لا تصدقوا الحكومة عندما تقول إنها تملك 2500 سرير للغرض، فالهياكل الطبية في بلادنا غير مجهزة لمواجهة حالة طوارئ… نقطة ضعفها الكبيرة في ما يخص علاج المصابين بكورونا، تتمثل في أجهزة التنفس الصناعي، فهي قليلة ولن تكفي المرضى الذين ستستقبلهم في الأيام المقبلة». ويستطرد: «أكثر ما أخشاه أن يضطر الأطباء إلى رفض استقبال المرضى عند أبواب المستشفيات. أخشى أن يطلبوا منهم أن يعودوا إلى بيتهم ليموتوا فيها. أخشى أن نشاهد جثث الموتى منتشرة في الشوارع».

وتعاني الهياكل الطبية نقصاً فادحاً في الكمامات، حسب الدكتور محمد يوسفي المختص في أمراض الأوبئة الذي يؤكد أن الأطقم الطبية بحاجة إلى مليون كمامة لمعالجة المصابين بالوباء.

وخلت كل الصيدليات من هذه الوسيلة الوقائية التي أضحت ثمينة في هذه الظروف، في حين شوهد شباب يبيعونها بأضعاف سعرها الرسمي في بعض أحياء العاصمة.

والتقت «الشرق الأوسط» مجموعة من المراهقين يعرضون كمامات على أصحاب السيارات في الطريق العام بحي العاشور أعالي العاصمة، قال أحدهم بخصوص مصدرها: «اشتريناها من مؤسسة خاصة لإنتاج الكمامات، في العادة تزود الصيدلية المركزية (الحكومية) بالواقيات ضد الجراثيم وهي تتولى توزيعها على الصيدليات الخاصة وفي المستشفيات الحكومية».

ويمنع القانون منتجي الكمامات بيعها لغير وزارة الصحة، لكن بعضهم استغل انشغال الحكومة بالوباء وتركيز مجهودها على أعمال الوقاية، وإجلاء الجزائريين العالقين في مطارات العالم، لتحقيق ربح كبير. تماماً كما وجد تجار المواد الغذائية الفرصة مناسبة لمضاعفة أسعارها.

المصدر: الشرق الأوسط