إحكام القبضة الأمنية على ناشطي مواقع التواصل في سوريا

 

شهدت العاصمة السورية، دمشق، حملة ترهيب لناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبرت الأشد، في الفترة الأخيرة، استعمل فيها، إعلام النظام، سلاح التخوين والعمالة للخارج، لإسكات أصوات نتقد الفساد، ارتفعت وتيرتها في الفترة الأخيرة.

أتى ذلك، بعد أن ظهر العقيد لؤي شاليش، رئيس فرع جرائم المعلوماتية، في وزارة الداخلية التابعة للنظام، وتصريحه بأن الكلام عن الفساد، يجب أن “يكون في الإطار العام” فقط، وأن من لديه، أي شيء بخصوص الفساد، فليتقدم به، إلى أجهزة الحكومة، التي ستكون، في هذه الحالة، هي الخصم والحكم، بحسب مصدر قانوني.

كما اتهم شاليش، ناشطين وحسابات محلّية، بما سماه التواصل مع جهات مشبوهة، تعادي “الدولة”.
أربعة أيام انتهت بالاعتقالات

في غضون ذلك، بدأ ناشطون إعلاميون موالون للأسد، سبق لهم التصريح عن حالات فساد، اعتقلوا بسببها، بالظهور المصوّر على صفحاتهم على مواقع التواصل، ليكرروا عبارات الاتهام بحق ناشطين آخرين فضحوا قضايا فساد، بأنهم كانوا يتواصلون مع “أعداء الدولة” في الخارج، محذرين فيها، من صفحات “تدار” من خارج البلاد.

بالتوازي، قال وائل علي في فيديو، وهو ناشط على “فيسبوك” موال للأسد، سبق له أن تاعتقل على يد الأجهزة الأمنية، هو وزوجته الناشطة ندى مشرقي، بسبب إثارته لقضايا فساد، العام الماضي، إن ما تمر به البلاد الآن في قضايا الفساد وعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي، جزء “من أخطر حرب” تشن على سوريا، مكررا عبارات الاتهام التي نشرها النظام، بحق ناشطين.

وجسّدت أربعة أيام، من شهر يناير الماضي، هي 24 و28 و30 و31، قصة عزم النظام على استئصال الأصوات التي ارتفعت مطالبة بالقضاء على الفساد. وكان اليوم الأول، لقاء الأسد بـ73 إعلاميا، والثاني، قيام فضائية النظام بعرض برامج تشكك بصدقية وسائل التواصل، والثالث، تهديد داخلية الأسد باعتقال الناشطين، واليوم الرابع والأخير، تنفيذ الاعتقالات.
الحملة بدأت إعلامياً

وبدأت حملة الترهيب بالتنفيذ، كما يصفها ناشطون، من قبل السلطات الأمنية، السبت الماضي، بإنذار من الداخلية تحذر فيه، من التعامل مع صفحات ومواقع وصفتها بالمشبوهة، تلاها بعد ساعات قليلة، خبر القبض على ثمانية ناشطين، بتهمة التعامل مع صفحات “مشبوهة” تبيّن في ما بعد، أن أكثرهم اعتقل قبل أيام من إقرار النظام باحتجاز حرياتهم.

وتراوحت تهم المقبوض عليهم، ومن بينهم هالة الجرف، وهي مذيعة معروفة في فضائية النظام، ما بين “نشر أنباء كاذبة توهن نفسية الأمة” أو “تنال من هيبة الدولة” و”التواصل والتعامل مع مواقع إلكترونية مشبوهة”.

وكانت وسائل إعلام النظام، هي التي أطلقت شرارة البدء، للهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي، في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، بعد أربعة أيام من اللقاء الموسع الذي جمع الأسد بـ 73 إعلاميا موالياً له.

في السياق، أعلن يونس سليمان، وهو ناشط موال للأسد، من محافظة طرطوس، اعتقله النظام أواخر شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، أن قضيته الآن “أصبحت بعهدة القضاء”، بعد الإفراج عنه، ليل الثلاثاء، دون أن يقدم تفاصيل إضافية عن التهم الموجهة إليه، وأدت إلى اعتقاله، وللمرة الثانية.
عدد المقبوض عليهم أكبر من المعلن

كما أعلن سليمان، وهو مدير صفحة “مواطنون مع وقف التنفيذ” والتي نشرت تدوينات تتهم أكبر مسؤولي الأسد، بالفساد، أن “الفرحة” بخروجه من السجن، لن تكتمل إلا بالإفراج عن المذيعة هالة الجرف، وبالإفراج عن المفتشة السابقة في دوائر النظام، فريال جحجاح.

وطالب بالإفراج عن أثلة الخطيب، التي اعتقلت بسبب تقارير وظيفية لها، عن ضبط حالات فساد، وكانت رئيسة لهيئة التفتيش العليا، قبل اعتقالها، مباشرة.

وبحسب مصادر من داخل العاصمة السورية، فقد علمت “العربية.نت” أن عدد المقبوض عليه، في حملة النظام، لإسكات أصوات انتقاد تفشي الفساد، أكبر من المعلن، وأن الأسماء التي نشرتها الداخلية بالأحرف الأولى لأسماء المقبوض عليهم، تتعلق فقط بالمشهورين من المعتقلين، أما البقية الأخرى التي لم تنل حظا من الشهرة، فلم يشر لها، بيان الداخلية.

واستندت المصادر التي تواصلت معها “العربية.نت” إلى أسماء المفرج عنهم، في الساعات الأخيرة، ولم تكن أسماؤهم واردة ببيان داخلية الأسد، الأمر الذي يرجح وجود أسماء أخرى، خاصة وأن البلاد، شهدت في الأسابيع الأخيرة، موجة كبيرة من حالات الاستياء من تفشي الفساد، في مفاصل الحكومة والمؤسسات كافة.

المصدر: العربية